نَصِيحَةُ الْعَالِمِ لِتِلْمِيذِهِ:
عَلَيْكَ بِفَهْمِ السُّؤَالِ وَلاَ تُجِبْ أَحَدًا إِلاَّ بَعْدَ فَهْمِ السُّؤَالِ كَمَا يَنْبَغِي. ثُمَّ الْجَوَابُ يَكُونُ مَفْهُومًا يَفْهَمُهُ كُلُّ الْحَاضِرِينَ. هَذَا دَأْبُ السَّائِلِ وَالْمَسْئُولِ كَمَا قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَفْهِمُونِي مَا تَقُولُونَ وَافْهَمُوا عَنِّي مَا أَقُولُ. ثُمَّ إِنْ سَأَلَ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ سُؤَالاً وَيَكُونُ الْجَوَابُ عَلَيْهِ يُخْشَى مِنْهُ مَفْسَدَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ الْحَالاَتِ يُعْرِضُ الْمَسْئُولُ عَنِ الْجَوَابِ وَيَشْغَلُ الْحَاضِرِينَ بِغَيْرِهِ. ثُمَّ يَنْبَغِي تَكْرِيرُ الْمَسْأَلَةِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ كَانَ يُعِيدُ الْكَلِمَةَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
هَذَا وَاللهُ تَعَالَى يُوَفِّقُكَ وَيَنْفَعُ بِكَ، ثُمَّ قَالَ فِي الْحَثِّ عَلَى التَّوَاضُعِ وَعَدَمِ التَّرَفُّعِ وَإِظْهَارِ النَّفْسِ.
قَالَ بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ: اِدْفِنْ وُجُودَكَ فِي أَرْضِ الْخُمُولِ، فَإِنَّ دَأْبَ الصَّالِحِينَ التَّخَفِّي وَعَدَمُ إِبْرَازِ أَنْفُسِهِمْ خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنَ الاِنْفِتَانِ وَالْوُقُوعِ فِي الرِّيَاءِ وَنَحْوِهِ.
—————————————————-
(الأَدَبُ: الَّذِي يَتَأَدَّبُ بِهِ الأَدِيبُ مِنَ النَّاسِ، سُمِّيَ أَدَبًا لأَِنَّهُ يَأْدِبُ النَّاسَ أَيْ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْمَحَامِدِ، وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمَقَابِحِ).
(النَّصِيحَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنَ النُّصْحِ الَّذِي هُوَ نَقِيضُ الْغِشِّ. وَالنَّصِيحَةُ كَلِمَةٌ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ جُمْلَةٍ هِيَ إِرَادَةُ الْخَيْرِ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ).
(التَّلاَمِيذُ: الْخَدَمُ وَالأَتْبَاعُ، وَاحِدُهُمْ تِلْمِيذٌ.)
(الدَّأْبُ: الْعَادَةُ وَالْمُلاَزَمَةُ وَالشَّأْنُ.(وَهُوَ مِنْ دَأَبَ فِي الْعَمَلِ إِذَا جَدَّ وَتَعِبَ).
(الْمَفْسَدَةُ: خِلاَفُ الْمَصْلَحَةِ).
(الْحَثُّ: الْحَضُّ، حَثَّهُ: حَضَّهُ. وَقِيلَ الْحَضُّ الْحَثُّ عَلَى الْخَيْرِ. وَقِيلَ حَضَّضَهُ أَيْ حَرَّضَهُ).
(إِرْبَأْ بِنَفْسِكَ مِنْ أَنْ تَكُونَ طَالِبَ شُهْرَةٍ. (قِيلَ إِنَّهُ لَخَامِلُ الذِّكْرِ: لاَ يُعْرَفُ وَلاَ يُذْكَرُ).
(يَرَى لِنَفْسِهِ حَظًّا فَيَقَعُ فِي الْعُجْبِ بِطَاعَةِ اللهِ).