Wed, 13th Nov, 2024 /
12 Jumādā al-Ula, 1446
الأربعاء ١٣ , نوفمبر , ٢٠٢٤ / 12 جُمَادَىٰ ٱلْأُولَىٰ , 1446

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ حَمْدًا يَلِيقُ بِجَلاَلِ وَجْهِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، الَّلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِهِ وَصَحْبِه، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ، فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ، قَالَ تَعَالَى:” وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ”.

إخوةَ الإيمان، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ الزَّكَاةَ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ:” وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ). وَهِيَ منْ أعظمِ أمورِ الإسلام، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :« بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» رواه البخاريّ. وَقَرَنَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ فِي كِتَابِهِ الْمُبِينِ؛ فالسَّعِيدُ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْحُسْنَيَيْنِ فَحَافَظَ عَلَى صَلاَتِهِ، وَأَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ.

عِبَادَ اللَّهِ، مَتَى تَجِبُ الزَّكَاةُ وَمَا مِقْدَارُهَا؟

 تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الذَّهَبِ والفِضَّةِ إِذَا بَلَغَا النِّصَابَ الشَّرْعِيَّ الْمُقَدَّرَ ومَرَّ عَلَيْهِما عَامٌ هِجْرِيٌّ كَامِلٌ، ونِصابُ الذَّهَبِ عِشْرُونَ مِثْقَاًلا، وَقَدَّرَهُ بَعْضُهُم بِـخَمْسَةٍ وثمانينَ غرامًا، ويُخرِجُ رُبْعَ العُشْر، وَنِصَابُ الفِضَّةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَقَدَّرَهُ بَعْضُهُم بِـخَمْسِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَتِسْعِيْنَ غَرامًا، ويُخرِجُ رُبْعَ العُشْر.

وتجبُ الزكاةُ في الأَنْعَامِ الثَّلاثةِ إذَا مَضَى عَلَيْهَا حَوْلٌ كَامِلٌ بَعْدَ تَـمَامِ النِّصَاب، وَأَوَّلُ نِصَابِ الْغَنَمِ أَرْبَعونَ، وَيُخْرِجُ شَاةً، وأوَّلُ نِصَابِ الإِبِلِ خَمْسٌ، وَيُخْرِجُ شَاةً، وأوَّلُ نِصَابِ الْبَقَرِ ثَلَاثُونَ، وَيُخْرِجُ تَبِيْعًا مِنَ البَقَر.

وَتجبُ الزَّكاةُ في التَّمْرِ والزَّبِيْبِ والزُّروعِ بِبُدُوِّ الصَّلاحِ واشْتِدَادِ الحَبِّ إِذَا بَلَغُوا نِصَابًا ولو لم يَـمْضِ حَوْل، وأوّلُ نِصابِـهَا ثَلاثُمائةِ صاعٍ حِجَازيٍّ، وَيُخرِجُ خَمْسَةً فِي الْمِائَةِ لِمَا كَانَ يُسْقَى بمؤنة، وَعَشَرَةً فِي الْمِائَةِ لِمَا كَانَ يُسْقَى بِغَيْرِ مُؤْنَة.

وَتجبُ الزكاةُ في أموالِ التِّجارةِ إذا بَلَغَتْ نِصَابًا ءَاخِرَ الحَوْل، ويُخرِجُ رُبْعَ العُشر، وَكَذَلِكَ العُمْلَةُ الوَرَقِيَّةُ الموضُوعةُ في البُنُوكِ بِطَرِيْقَةٍ تُوافِقُ شُرُوطَ المذْهَبِ الحنفيِّ، فَيَضُمُّهَا إلى مَا مَعَه مِنْ عُمْلَةٍ وَرَقِيَّة، فإنْ بلَغُوا نِصابًا فأكثرَ وَجَبَتْ زكَاتُهُم عِنْدَ حَوَلَانِ الحَول، ويُخْرِجُ نِسْبَةَ اثْنَيْنِ وَنِصْفٍ فِي الْمِائَةِ. ونصابُها قِيْمَةُ خَمْسِمِائَةٍ وخَمْسَةٍ وَتِسْعِين غرامًا مِنَ الفِضّة.

وتجبُ زكاةُ الفِطْرِ بإدراكِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ وجُزْءٍ مِنْ شَوَّال، وهي عَلى مَنْ عِنْدَهُ مَالٌ فَاضِلٌ عن دَيْنِه وكسْوَتِه وَمَسْكَنِهِ وَقُوتِ مَنْ عليه نَفَقَتُهُم يَومَ العِيْدِ وليلتَه. فيُخْرِجُ زكاةَ الفِطْرَةِ عن نفْسِه وعن مَن عليه نَفَقَتُهُم إنْ كانُوا مُسلِمِين. وأمَّا مِقْدَارُ الزكاةِ التي يجبُ إخراجُها عنْ كُلِّ واحِد، فَصَاعٌ حِجازيٌّ مِنْ غالبِ قُوتِ البَلد. وعندَ الإمامِ أبي حنيفةَ يجوزُ أنْ يُـخْرِجَ نِصْفَ صاعٍ عِرَاقيٍّ مِنْ قمح، وهوَ ما يُعَادِلُ ألفين ومائةً وخمسةً وأربعين غراما مِنَ القَمْحِ أو صاعًا منْ شعيرٍ أو تمرٍ أو زبيبٍ أو قيمةَ ذلك.

إخوة الإيمان، أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ، مَا هِيَ مَصَارِفُ الزَّكَاةِ؟

لَقَدْ حَدَّدَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَصَارِفَ الزَّكَاةِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ:” إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ“. فلا يجوز ولا يصح صرفها لغير هؤلاء المذكورين، فَقَدَّمَ الْفُقَرَاءَ والْمَسَاكِينَ لِشِدَّةِ فَاقَتِهِمْ وَحَاجَتِهِمْ؛ وَلأَنَّهُمْ لَا دَخْلَ لَهُمْ يَكْفِيهِمْ، وَالْغَارِمُ هُوَ الْمَدْيُونُ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْوَفَاءَ بِدُيُونِهِ، وفي سبيلِ الله وهمُ الغزاةُ المتطوِّعُون وليسَ المعنى في كلِّ عَمَلِ خير، وَابْنُ السَّبِيلِ هُوَ الْمُسَافِرُ الَّذِي لاَ يَجِدُ مَا يَكْفِيهِ لِلْوُصُولِ إِلَى بَلَدِهِ.

وَالزَّكَاةُ لِذَوِي الأَرْحَامِ وَالأَقْرَبِينَ الْمُحْتَاجِينَ زَكَاةٌ وَصِلَةٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :« إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَإِنَّهَا عَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ» رواه النَّسائي وغيره.

أَيُّهَا الْمُزَكُّونَ: إِنَّ لِلزَّكَاةِ فَوَائِدَ كَبِيرَةً، وَمَنَافِعَ عَظِيمَةً، فَهِيَ تُزَكِّي النَّفْسَ بِالْكَرَمِ وَالْعَطَاءِ، وَتُطَهِّرُهَا بِالْجُودِ وَالسَّخَاءِ، قَالَ سُبْحَانَهُ::” خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا.  وَتَعُودُ عَلَى الْمَالِ بِالْبَرَكَةِ وَالنَّمَاءِ، قَالَ تَعَالَى:” وَمَا ءَاتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ“. فأعمالُ الْمُزَكِّينَ مُبَارَكَةٌ، وَأَمْوَالُهُمْ فِي زِيَادَةٍ، وَحَيَاتُهُمْ فِي سَعَادَةٍ.

وَأَدَاءُ الزَّكَاةِ دَلِيلٌ عَلَى كمالِ الإِيمَانِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: « وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ». وَهِيَ تَزْرَعُ الْمَوَدَّةَ وَالإِخَاءَ، وَتَنْشُرُ التَّعَاوُنَ وَالتَّكَافُلَ، فَيَفُوزُ الْمَزَكِّي، وَتَكُونُ لَهُ مَنْزِلَةٌ كَرِيمَةٌ عِنْدَ اللَّهِ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِطَاعَتِكَ، وَطَاعَةِ رَسُولِكَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. نَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِالْقُرْءَانِ الْعَظِيمِ، وَبِسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ

< Previous Post

خطبة الجمعة | ولادة سيدنا عيسى المسيح عليه السلام

Next Post >

خطبة الجمعة | ليلة القدر العظيمة

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map