الحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين وءال كل وصحب كل وسائر الصالحين.
أما بعد، إخوة الإيمان والإسلام:
مِنْ أجلِها ذَرَفَتْ عُيُون وَلِتُرْبِهَا حَنَّتْ قُلُـوب
إنها فلسطين، أرض القدس، أرض الأقصى، ومسرى نبينا صلى الله عليه وسلم.
إنها فلسطين أرض الكثير من الأنبياء والمرسلين، إنها فلسطين موطن الكثير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنها فلسطين موطن الآلاف من أعلام الأمة وعلمائها.
ومن أجلها ضحى السلطان عبد الحميد بعرشه وملكه وقال: لا أقدر أن أبيع ولو قدمًا واحدًا من فلسطين.
لذا لا ولن نقبل بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس والاعتراف بها عاصمة للكيان الصهيوني، فضلا عن أن هذا الإعلان يؤجج الصراعات ويؤدي إلى إشعال النار في الشرق الأوسط ويدخل هذه البلاد برمتها في مزيد من الفوضى والنزاعات.
ونعتبر أن هذا القرار الأمريكي يعد انحيازا كبيرا ضد حقوق الشعوب العربية عامة والشعب الفلسطيني خاصة التاريخية والثابتة في القدس.
ومن شأن هذه الخطوة الخطيرة استفزاز مشاعر المسلمين كافة حول العالم نظرا لمكانة القدس العظيمة والمسجد الأقصى عند المسلمين.
ولكننا نؤكد أن مدينة القدس كانت وستبقى بإذن الله عربية إسلامية وعاصمة لفلسطين الحبيبة ولن تخضع لمحاولات التقويض.
ونحن إذ نحذر من خطورة هذا القرار الأمريكي ندعو الدول العربية والإسلامية إلى وضع الخلافات جانبا وإلى جمع الكلمة وللعمل الجاد ليتمكن الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة في أرضه المحتلة، وعاصمتها القدس الشريف.
إخوة الإيمان والإسلام
نعم حين نتحدث عن فلسطينَ والأقصى نجدُ أنفسَنا أمامَ مأساةٍ تعجَزُ الكلماتُ عن وصفِها، اختلطَتْ فيها العَبَراتُ بالعِبارات.
إن المؤامرةَ أصبحتْ حقيقةً واقعةً ظاهرةً للعيان، تتسارعُ خطُواتها يومًا بعد يوم، ومعَ ذلك نعلمُ يقينًا أن قضيةَ فلسطين لن تُنسى، لأنها في قلبِ كلِّ مسلم. بل فلسطين قضية العرب والمسلمين. وحب القدس يجمعنا وحقنا بها يوحدنا.
وأقول لكم كونوا مثل صلاح الدين الذي نصر الدين فنصره الله رب العالمين، يقول الله تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ} .
وكان رحمه الله شجاعًا، كريمًا، حليمًا، حسن الأخلاق، متواضعًا، حافظًا لكتاب الله، حافظًا لكتاب التنبيه في الفقه الشافعي، كثير السماع للحديث النبوي الشريف، ولم يؤخر صلاة عن وقتها، ولا صلّى إلا في جماعة، عمّر المساجد والمدارس، وعمّر قلعة الجبل، وسور القاهرة، وحرر القدس، وكان شافعي المذهب أشعري الاعتقاد، بنى مدرسة في القاهرة لتعليم العقيدة فقط، وأمر المؤذنين أن يعلنوا وقت التسبيح على الـمــآذن بالليل، بذكر العقيدة المرشدة، فواظب المؤذنون على ذكرها في كل ليلة بسائر الجوامع، وفيها هذه الكلمات: الله موجـــودٌ قبـــل الخلقِ، ليس له قبلٌ ولا بعدٌ، ولا فــــــــوقٌ ولا تحــتٌ، ولا يَمينٌ ولا شمـالٌ، ولا أمامٌ ولا خلفٌ، ولا كـلٌّ، ولا بعضٌ، ولا يقالُ متى كـانَ ولا أينَ كـانَ ولا كيفَ، كان ولا مكان، كوَّنَ الأكـــــوانَ، ودبَّـرالزمـــــانَ، لا يتقيَّدُ بالزمــــــانِ ولا يتخصَّصُ بالمكــــان .
إخوة الإيمان والإسلام:
لا يسعني في ءاخر كلمتي إلا أن أسال الله تعالى أن يعجل لنا بالفرج وبالنصر المبين وأن يوحد الصفوف على الحق، وأن يلطف بالمسلمين في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق وحيثما كانوا.
أمين عام دار الفتوى في أستراليا
الشيخ الدكتور سليم علوان