بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم يقول الله العلي العظيم في محكم التنْزيل: ﴿ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ سورة الأعراف {43}
إنّ من أراد النّعيم المقيم في الجنّة فعليه بتقوى الله بتأدية الواجبات واجتناب المحرمات، وأول الواجبات العلم بالله ورسوله ودينه.
وأفضل الأعمال الإيمان بالله ورسوله، ومن الإيمان الاعتقاد بأنّ الله منَزّه عن مشابهة المخلوقات أي أنّ الله سبحانه وتعالى لا يشبه شيئًا من خلقه.
إنّ من خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم أنّه هو أوّل من يأخذ بحلقة الجنة (أي يحركها) يستفتح فيقول الملك خازن الجنّة الموكّل ببابها من: فيقول:”محمد” فيقول الملك: ” بك أمرت بأن لا أفتح لأحد قبلك “رواه مسلم.
وفي الجنة أيها الأحبة لا يوجد إنسان إلا ويكون جميلَ الصورة فقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” أَوَّلُ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً لا يَبُولُونَ وَلا يَتَغَوَّطُونَ وَلا يَتْفُلُونَ وَلا يَمْتَخِطُونَ، أَمْشَاطُهُمْ الذَّهَبُ وَرَشَحُهُمْ الْمِسْكُ وَمَجَامِرُهُمْ الأَلُوَّةُ (وهو عُودُ الطِّيبِ) أَزْوَاجُهُمْ الْحُورُ الْعِينُ عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ ءادَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ ” رواه البخاري ومسلم، وأمّة محمّد خير الأمم وأكرمهم على الله .
واعلموا أحبابنا أنّ في هذه الدنيا أشياء أصلها من الجنّة منها: مقام إبراهيم عليه السلام. فقد جاء في كتاب الجامع لأحكام القرءان للقرطبي في تفسير الآية : ﴿وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ البقرة/125″ أنّه الحَجَر الذي تعرفه النّاس اليوم الذي يصلون عنده ركعتين بعد الطواف. وفي البخاري أنّه الحجر الذي ارتفع عليه إبراهيم عليه السلام حين ضعف عن رفع الحجارة التي كان إسماعيل عليه السلام يناوله إياها في بناء الكعبة وغرقت قدماه فيه. قال أنس : رأيت في المقام أثر أصابعه وعقبه وأخمص قدميه غير أنه أذهبه مسح الناس بأيديهم. حكاه القشيري.
وكذلك الحجر الأسود أصله ياقوتة من يواقيت الجنّة. فقد روى الترمذي من حديث ابن عباس ” الحجر الأسود من الجنة “. وعن عبد الله بن عمرو عند أحمد “الحجر الأسود من حجارة الجنة لولا ما تعلّق به من الأيدي الفاجرة ما مسّه أكمه ولا أبرص ولا ذو داء إلا برأ “. أخرجه سعيد بن منصور.
وروى الترمذي : نزل الحجر الأسود من الجنّة وهو أشدّ بياضًا من اللبن فسوّدته خطايا بني ءادم. وقال حديث حسن صحيح .
وقد روي عن عبد الله بن عمرو أيضًا قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو مُسندٌ ظهره إلى الكعبة: ” الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنّة لولا أن الله طمس نورهما لأضاءا ما بين المشرق والمغرب” أخرجه أحمد وابن حبّان. ومما نزل من الجنّة سيّدنا ءادم عليه السلام وحواء والبراق، كما نزل أيضًا إبليس لعنه الله.
والكبش الذي فدي به إسماعيل من الجنّة أيضًا، وعصا موسى قيل إنّها نزلت من الجنّة أيضًا. وأصل الحنطة والأرزّ ونحوهما ممّا نأكله من الجنّة، لكنّها لمّا نزلت إلى أرضنا هذه تغيّرت عمّا كانت عليه. كذلك النيل والفرات وسيحان وجيحان أصلهم من الجنّة، هذه الأنهار كانت في الجنّة ثمّ نقلت، أدخلها الله في الأرض ثم أخرجها في مكان ءاخر، أما دجلة فهو فرع من الفرات هو لَمّا يدخل أرض العراق يتفرع من الفرات. وروى مسلم : سيحان وجيحان والفرات والنيل كلّ من أنهار الجنّة. وهو حديث صحيح .
اللهمّ ارزقنا الجنّة وما قرَّب إليها من قول أو عمل.