التحذير من الطعن بالأنبياء
وإنّ مما يجبُ التّحذيرُ منه قَولَ بعضِ النّاسِ (كُلُّ قَصِيرٍ في الأرضِ فِتنةٌ وكلُّ طَويلٍ لا يخلُو منَ الهَبلِ)، فإنّ هذا القَولَ تكذيب للشريعة والعياذُ باللهِ لِما فيهِ منَ الطّعنِ بالأنبياءِ الطِّوال كآدمَ علَيهِ السّلام الذي ورد في الحديثِ أنّه كان كالنّخلةِ السَّحُوق، وأنّ طولَهُ كانَ ستّينَ ذِراعًا في عَرضِ سَبعةِ أَذرُع. أمَّا من كانَ جَاهِلًا شديدَ الجَهْلِ يخفَى عليهِ أَنَّ فِي الأنبِيَاءِ من هُم طِوَالٌ فَلَا يكفُر.
فكلمة كل في هذا الموضع تفيد العموم. وإنّمَا قدْ تَدُلّ كلُّ على معنى بعض إن دلَّ السّياقُ على ذلكَ كما في قولِه تعالى عن الرِّيح ﴿تُدمِّرُ كلَّ شَىء﴾ وهذهِ الرِّيحُ إنّما دمَّرت أشياءَ مخصُوصة ولم تُدمِّرِ السّمواتِ والأرض.
وفي قولِه عليه الصلاةُ والسلام “وكلُّ بِدعَةٍ ضَلالة“ السِّياقُ دَلّ على أنّه أرادَ البِدعةَ المخَالِفَة للشّريعة.