عن أبي صالح عن بعضِ أصحابِ النّبي صلى الله عليه وسلم أنّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ لرجلٍ: ” ما تَقُولُ في الصّلاة ِ”، قالَ: أتَشَهّدُ ثم أقولُ اللهم إني أسأَلُكَ الجنّةَ وأَعوذُ بكَ منَ النّار، ولا أُحسِنُ دَنْدَنتكَ ولا دَنْدَنةَ مُعاذ، قال: “حَوْلها نُدَندِن”. هذا حديث صحيح أخرجه أبو داود.

قولُه عليه السلام: حَوْلهَا نُدَنْدِن، أي هذا الذي نَطلُبُه.

قال في لسانِ العَرب: الدّندَنةُ أن تَسمَعَ منَ الرّجُلِ نَغْمةً ولا تَفهَم ما يقول، وقيلَ الدّندَنةُ الكَلامُ الخَفِيّ.

وقالَ: دَندَن إذا اختلَف في مكان واحدٍ مَجِيئًا وذَهابًا.

و جاء في مسند أحمد أنّ معاذَ بنَ جَبل صلّى بأصحابه العشاء فقرَأ فيها: [اقتَربت السّاعة]، فقَامَ رجلٌ مِن قَبلِ أن يَفرغَ فصَلى وذهَبَ، فقالَ له مُعاذٌ قَولا شَديدًا، فأتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم واعتذرَ إليهِ وقال إنّي كنتُ أعمَلُ في نخلٍ وخِفتُ على الماءِ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني لمعاذ :”صلِّ بالشمس وضحَاهَا ونحوها منَ السُّوَر“.

وفي صحيح البخاري عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيّ قَالَ أَقْبَلَ رَجُلٌ بِنَاضِحَيْنِ وَقَدْ جَنَحَ اللَّيْلُ فَوَافَقَ مُعَاذًا يُصَلِّي فَتَرَكَ نَاضِحَهُ وَأَقْبَلَ إِلَى مُعَاذٍ فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ أَوْ النِّسَاءِ فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ وَبَلَغَهُ أَنَّ مُعَاذًا نَالَ مِنْهُ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَكَا إِلَيْهِ مُعَاذًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أَنْتَ أَوْ أَفَاتِنٌ ثَلاثَ مِرَارٍ فَلَوْلا صَلَّيْتَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَكَ الْكَبِيرُ وَالضَّعِيفُ وَذُو الْحَاجَةِ” .

وفي شرح سنن ابن ماجه ما نصه: قوله ما أُحسِنُ دندنتك، الدّندنة الصوتُ الخفيّ وهو أن يتكلم بما لا يُسمَع نَغمتُه ولا يُفهَم، ومُعاذٌ كان إمامَ قَومٍ فهذا الرجلُ قال لا أدري ما تدعُو به أنتَ يا رسولَ الله وما يَدعُو به معاذٌ إمَامُنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” حَولهُما نُدَندِنُ “، أي حول هذين الدُّعائَين من طَلب الجنة والاستعاذَةِ منَ النّار.

وقالَ في جامعِ العلُوم والحِكَم ما نصُّه: ولا أحسِنُ دندَنَتك ولا دندَنَة مُعاذ، يُشيرُ إلى كَثرةِ دُعائهِما واجتهادِهما في المسألةِ.

وقال في عون المعبود ما نصه : قولُه: إني لا أحسنُ أي لا أعرفُ ولا أدري، قوله : دندنَتك: هي أن يتكلمَ الرجلُ بالكلام تُسمَع نَغمتُه ولا يُفهَم وهي أرفع من الهيْنَمةِ قليلا، قاله في النهاية،. وقال الخطابيّ الدّندنة قراءةٌ مبْهمَةٌ غيرُ مفهومة والهينمة مثلُها أو نحوها. اهـ

وفي حاشية السندي على ابن ماجه ما نصه : قوله: ما أحسن دندنتك، أي مسألتك الخفِيّة أو كلامَك الخفيّ، وقال حولها، معناه حول مقالتِك أي كلامُنا قريبٌ من كلامِك.

وقال في فيض القدير عند قوله : حولها ندندِن، المرادُ ما ندندِن إلا لأجلِها وبالحقيقةِ لا مباينةَ بينَ ما ندعُو به وبينَ دُعائك.   

< Previous Post

داء الحسد والبغضاء

Next Post >

حسن الخلق

Darulfatwa

40 Hector Street,
Chester Hill NSW 2162

P: +612 9793 3330
F: +612 9793 3103
info@darulfatwa.org.au

Darulfatwa World Map